البترول Petroleum

يطلق اسم البترول أو الزيت الخام أو النفط على هذا السائل العضوي اللزج المتواجد طبيعيا في باطن الأرض والذي يتراوح لونه بين الأصفر الداكن والأسود القاتم. وكلمة بترول مشتقة من كلمتين لاتينيتين  petro وتعني الصخر و  oleum وتعني الزيت ولهذا يدعى البترول أحيانا بزيت الصخر أو بالزيت الصخري.

و يشيع الاعتقاد الآن بأن البترول قد تكون في باطن الأرض عبر ملايين السنين نتيجة تحلل بعض الكائنات الحية الحيوانية والنباتية التي كانت تعيش في البحار القديمة، فعندما تموت هذه الكائنات تتحلل بفعل البكتيريا إلى مكونات بعضها غازي وبعضها يذوب في الماء أما باقي مخلفاتها فتسقط إلى القاع حيث تتجمع وتدفن و تترسب عليه الأتربة و الرمال وتتعرض لمعدلات عالية من الحرارة والضغط الكامنين في الأرض مما ينتج عنه الكثير من التحولات العضوية التي تؤدي في النهاية إلى تكون البترول. والبترول المتكون على هذه الصورة لا يبقى في موطن تكونه ولكنه يهاجر خلال مسام الصخور الرسوبية إلى أن يصادف تراكيب جيولوجية صلدة تعوق حركته وتعمل على تجمعه فيما يعرف بالمكامن أو المصائد البترولية التي يستخرج منها. وحقل البترول عادة ما يتكون من ثلاث طبقات أعلاها طبقة الغاز تليها طبقة البترول ثم طبقة المياه المياه.

و البترول يعتبر من أهم مصادر الطاقة فهو يمد العالم بما يقارب 90% من مجمل احتياجات الطاقة ،  كما يعد البترول المصدر الرئيسي للمواد الخام اللازمة لتصنيع ما يقارب 95% من احتياجات العالم من المواد العضوية بما فيها البلاستيكات والألياف. كما أن البترول يعتبر ثروة طبيعية ضخمة تشكل الدخل القومي للكثير من دول العالم ومن بينها العديد من الدول العربية ولهذا فهو يدعى أحيانا بالذهب الأسمر. و أخيرا البترول أيضا سلعة إستراتيجية هامة ولهذا فهو يلعب دورا رئيسا في تشكيل وصياغة السياسات العالمية.

و يتكون البترول أساسا من خليط معقد من الهيدروكربوناتالتي يقع معظمها بين C1 و C40 هذا بالإضافة إلى كميات صغيرة من مركبات النيتروجين والأكسجين والكبريت العضوية وآثار من بعض المعادن. و الهيدروكربونات البترولية تتواجد على هيئة سلاسل أليفاتية مستقيمة ومتفرعة وحلقية مشبعة وغير مشبعة و أيضا على هيئة حلقات عطرية بسيطة ومتكاثفة.

و على الرغم من أن الخامات البترولية تكونت من مخلفات عضوية متماثلة التركيب والخواص إلى حد كبير ألا أنه يلاحظ أنها تتفاوت في خواصها الطبيعية وتكوينها الكيميائي حسب تنوع مصادر إنتاجها واختلاف ظروف تكوينها وأعمارها الجيولوجية وغير ذلك. لهذا فقد بات ضروريا إيجاد طرق قياسية لتصنيف البترول إلى أنواع محددة لإعطاء صورة عن قيمته الاقتصادية وتحديد أفضل السبل لتكريره واستغلاله. والآن يوجد طرق عديدة لتصنيف البترول يعتمد بعضها على تركيبه الكيميائي وبعضها على صفاته الطبيعية. فهو يصنف مثلا حسب كثافته النوعية ولزوجته إلى خفيف ومتوسط وثقيل. كما يصنف حسب مكوناته الهيدروكربونية إلى بارافيني و نافثيني وعطري وأسفلتي.

و من المعروف أن الزيت الخام لا يمكن الاستفادة منه إلا بعد تكريره. وكلمة تكرير تطلق على مجمل العمليات المختلفة التي يلزم إجراؤها على الخامات والمشتقات البترولية لتصير ذات مواصفات قياسية محددة تفي بالغرض المطلوب منها. والعمليات التكريرية الرئيسية يمكن تقسيمها إلى ثلاث أنواع:

(1) عمليات التجزئة: وعمادها التقطير الجوي والمخلخل لتجزئة الخام إلى قطفات ذات مدى غليان محدود لتناسب الاستخدام المطلوب.

(2) عمليات التنقية: وهي المعالجات التي يخضع لها المنتج البترولي بغية تخليصه من أية شوائب أو مكونات غير مرغوب فيها لتأثيرها السلبي على جودة المنتج وحسن أدائه حال تشغيله. ومن أمثلة ذلك تخليص المنتجات البترولية من المكونات الحمضية الضارة مثل ثاني أكسيد الكربون و كبريتيد الهيدروجين و الفينولات و الحموض الكربوكسيلية  و ذلك بالمعالجة بالقواعد وتخليص الكيروسين من العطريات بالمعالجة بحمض الكبريتيك المركز وتخليص زيوت التزييت من الشموع البرافينية بالمعالجة  باليوريا.

(3) عمليات التحويل: وهي العمليات التي تؤدي إلى تحول المكونات الهيدروكربونية من المنتجات البترولية الطبيعية إلى مكونات أخرى جديدة تختلف حجما و شكلا وصفات. وأهم مقاصد هذه العمليات يتلخص في أمرين أحدهما إمداد السوق العالمي بكفايته من منتج الجازولين المصنع أو المعدل عالي الجودة و ثانيهما الحصول على مركبات ومشتقات هيدروكربونية عالية النقاء تستخدم كمواد أولية في صناعة البتروكيماويات وأهمها الأوليفينات و العطريات. وعلى الرغم من تشعب العمليات التحويلية و تطور تقنيتها إلا أنه يمكن تقسميها إلى ثلاثة أنواع:

1 –  عمليات التكسير الحراري و الحفزي وهدفها تكسير الجزيئات الكبيرة غير المرغوبة إلى جزيئات أصغر ذات فائدة ولهذا فهي تستخدم في تحويل المقطرات الثقيلة والمخلفات البترولية إلى منتجات غازية مشبعة وغير مشبعة وأخرى سائلة تقع في مدى غليان الجازولين والكيروسين. والجازولين المنتج بهذه الطريقة يطلق عليه جازولين التكسير. وتكسير الجزيئات عملية شديدة التعقيد .

2- عمليات الإصلاح أو إعادة التكوين: و هي تؤدي إلى إدخال تعديل على بنية الجزيئات من خلال تفاعلات متعددة منها التحور و الحلوقة وحذف الهيدروجين وغيرها. والغاية من هذه العمليات تحسين كفاءة الجازولين الطبيعي والتي عادة ما تكون منخفضة وإنتاج الهيدروكربونات العطرية وأهمها البنزين و التولوين و الزيلينات.

 3 –  عمليات البناء: وهدفها تحويل الجزيئات الصغيرة إلى جزيئات أكبر من خلال تفاعلات الألكلة  و الديمرة و البلمرة… إلخ، وعمليات البناء تفيد في تصنيع بعض أنواع الجازولين وفي تحضير المبلمرات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.